خلال 11 عاماً.. أبرز محطات المسار السياسي في سوريا

خلال 11 عاماً.. أبرز محطات المسار السياسي في سوريا


 روزنة - محمد أمين ميرة

مسارات أستانا وجنيف الهادفة للوصول إلى حل سياسي في سوريا، تتواصل للعام 11 على التوالي، وتأتي على هامش تطورات ميدانية تدور ضمن الأراضي السورية من تظاهرات وردود فعل أمنية.


منذ الأعوام الأولى للثورة، حاول النظام السوري الظهور كطرف مهتم بالحل السياسي، مع عدم توقفه عن نهج اعتقال النشطاء والمعارضين، وقصف مناطق سورية وحصار بعضها بهدف السيطرة والتقدم ميدانياً.

أطلق النظام ما يعرف باسم مؤتمرات الحوار الوطني، التي كان حجر الأساس لها مؤتمر صحارى، المنعقد في 2011، بحضور نائب رئيس النظام حينئذ فاروق الشرع، ودارت في فلك تلك الخطوة مؤتمرات حوار ثانوية في مختلف المدن السورية، برعاية وتنسيق من "حزب البعث" والمنظمات الشعبية المنضوية تحت مظلته.

تشكيلات معارضة

صيف عام 2011 شهد مؤتمرات شكلت تغييراً في واجهة العمل السياسي المعارض، بعد أعوام من "إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي" في تشرين الأول/أكتوبر 2005، الذي وقّعه ناشطون تحت شعار الإصلاح من كل مختلف ألوان الطيف السياسي.

شخصيات معارضة من دمشق أسست في بداية الحراك الشعبي السوري "هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي"، وميّزت نفسها بالإعلان عن رفض التدخلات الأجنبية ونفوذ كلٍ من المنظمات السياسية خارج سوريا.

وضمن مؤتمرات وصفها بعض معارضي النظام بـ "الشكلية"، حاولت المعارضة تشكيل ذاتها في الخارج لدعم الحراك الشعبي، لتنبثق منصات لقاء القاهرة والمجلس الوطني بمشاركة تكتلات معارضة عديدة من بينها "هيئة التنسيق" و"المجلس الوطني الكردي" وغيرها.

لكن سرعان ما تم الانشقاق والاختلاف في صفوف المجلس الوطني؛ ما أدى لانسحاب "مجموعة العمل الوطنية السورية"، ومن ثم "المجلس الوطني الكردي" من تحت عباءة المجلس.

تبع تلك الانشقاقات استقالات أخرى لنحو 70 عضواً منه؛ لأسباب مختلفة من بينها "الموقف من العمل المسلح ضد النظام"، و"الموقف من القضية الكردية"، وما طال الجسم السوري المعارض من انتقادات حول سيطرة تنظيم الإخوان المسلمين على قراراته.

محاولات جمع الشمل وإعادة الوحدة إلى صفوف المعارضة أسفرت عن تشكيل الائتلاف السوري المعارض في العاصمة القطرية الدوحة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، وقد حظي في بداية تأسيسه باعتراف دولي واسع.

تزايد بعد ذلك التدخل الإقليمي في الشأن السوري، لا سيما بعد إعلان موسكو الدخول رسمياً كطرف داعم لقوات النظام السوري في أيلول/ سبتمبر 2015، واتباعها سياسة القضم السريع لمناطق المعارضة.

العمليات العسكرية والمفاوضات التي تزامنت معها، أسفرت عن عمليات تهجير وتغيير ديمغرافي في مناطق سورية عديدة.

مسار أستانا

وعلى هامش الفضاء العسكري للتدخل الروسي، سعت موسكو بالتنسيق مع طهران إلى تطويق المعارضة السورية  إقليمياً من خلال إجبارها على الالتحاق بمفاوضات "أستانا" عبر الجانب التركي، الذي سُمي كضامن للمعارضة.

وعبر مؤتمر تمهيدي لوزراء خارجية الدول الثلاث تمت الدعوة للمفاوضات التي عقدت فعلياً في كانون الثاني/ نوفمبر 2017 ضمن العاصمة الكازاخية نور سلطان (أستانا حتى عام 2019).

توالت بعد ذلك جولات أستانا  ليبلغ عددها في الوقت الحالي 16 جولة، وكانت كمقدمات سياسية لأي عملية قضم مرتقبة للمناطق الخارجة عن سيطرة النظام، بعد استنزاف بنيتها التحتية ومخزونها البشري.

اعتبر معارضون سوريون تلك الجولات فرصة للانقضاض والالتفاف على قرار مجلس الأمن 2254 الصادر في عام 2015، الذي أكدّ على بيان جنيف حزيران/ يونيو 2013، والمستند إلى القرار 2118 لعام 2013.

ينص القرار المذكور على قيام هيئة حكم انتقالي شاملة، بصلاحيات تنفيذية كاملة يجري تشكيلها على أساس التوافق المتبادل، بالتوازي مع ضمان استمرار عمل المؤسسات الحكومية.

وقامت "أستانا" على مبدأ السلال الثلاث، الّتي تقوم على إطلاق بادرة حسن نوايا بين النظام والمعارضة من خلال إطلاق سراح المعتقلين، ومن ثم التوصل لوقف لإطلاق النار، ومن ثم إطلاق عملية سياسية ترسم مستقبل الحكم في البلاد.

لكن النظام السوري ومن ورائه الروس والإيرانيين كانوا فوق تلك البنود، واستطاعوا اللعب على وتر الحل السياسي بالتوازي مع قضم الأراضي وتهجير السكان.

واعتبر بعض المعارضين للمحادثات أن جولات أستانا كانت فرصة لتشتيت شمل المعارضة السياسية السورية من خلال الولوج إلى خطة تقسيمها إلى منصات، عبر منصتي القاهرة وموسكو واعتبار الائتلاف منصة تركية.

تدخلات عربية

وقبل أستانا جرت تدخلات عربية أعلنت السعي لتوحيد شتات المعارضة، وهو ما اضطلعت به السعودية من خلال إطلاق مؤتمر الرياض 1 الذي عقد في كانون الأول/ ديسمبر 2015.

ومن ثم لجأ السعوديون إلى عقد مؤتمر الرياض 2 في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017 من أجل توسيع القاعدة التمثيلية للمعارضة، التي انبثقت عنها هيئة التفاوض وتقاسم الحصص والنفوذ بين كيانات المعارضة التي تمثل، بحسب مطلعين، أجندات إقليمية ودولية.

وكان من مهمة هيئة التفاوض المعارضة التي تعاقب على رئاستها رياض حجاب ونصر الحريري وأنس العبدة، التفاوض مع النظام في جنيف وعلى مدى أربع جولات برعاية الأمم المتحدة دون تحقيق أيّ هدف منشود.

جمود وإقصاء

قبل تشكيل اللجنة الدستورية، شهدت القضية السورية سياسياً حالة من الجمود، وحديث تردد عن إقصاء أطراف لأخرى، لا سيما بعد الأزمة الخليجية التي أثرت بشكل مباشر على تعامل الدول الداعمة للمعارضة.

ورغم أنّ الإعلان عن تشكيل اللجنة الدستورية، انطلق على ركيزة "صياغة إصلاح دستوري يسهم في التسوية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2254".

ومع ذلك فشلت الجولات المتعاقبة لجلسات اللجنة بالاتفاق على جدول الأعمال في جولاتها السبع الماضية، فيما بشّر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، قبل سويعات من الذكرى الحادية عشر للثورة السورية، بانطلاق الجولة الثامنة من أعمالها قريباً، وحدد موعد قريب للجولة السابعة عشر من مؤتمر "أستانا".

محادثات اللجنة الدستورية

ومن المقرر أن تعقد الجولة السابعة من اجتماعات اللجنة الدستورية السورية في 21 آذار/مارس الجاري بمشاركة وفدي النظام السوري والمعارضة ووفد المجتمع المدني، بعد 6 جولات كان آخرها في تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

ومع المتغيرات الدولية التي يشهدها العالم، والتي جعلت سوريا تقريباً خارج أولويات الدول الكبرى حول العالم، تبدو العملية السياسية السورية ضعيفة ومهددة، وسط مواقف توصف بالسلبية للنظام السوري وحلفائه، ومقاربة أممية (خطوة بخطوة) أثارت حفيظة المعارضة.

وسبق أن وجه المبعوث الأممي غير بيدرسون إلى رؤساء الوفود دعوات رسمية، تعرض تصوراً خطياً للجولات المقبلة من عمل اللجنة الدستورية، وتطلب من وفدي الحكومة والمعارضة تقديم اقتراح خطي لكل مبدأ من مبادئ الدستور، قبل أيام من المغادرة إلى جنيف لعقد الجولة السابعة.

HudaMira

صحفية خبيرة بالكتابة للبلوجر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق